تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ

أين اختفى هؤلاء؟

تنويه: لا تنسى اني اضمن نفسي في هذا الوصف “هؤلاء”، فقط استعملتها عوض بعض الكلمات الاخرى التي بدت غير مناسبة كعنوان ومملة بعض الشيء.

أين نختفي فجأة ثم نعود فجأة؟

انه سؤال عجيب، ولكن كثيرون منّا يعرف حقيقة هذا الأمر ومرّ به مرّات عديدة، عدى يونس بن عمارة والبعض القليل الآخر المتواجدون دائما ونتمنى لهم الاستمرارية والتوفيق.

دخلت على تويتر، فرزت يغرّد باحتشام، خديجة تظهر وتختفي، لكنها تدوّن احيانا وتكتب على كورا احيانا اخرى، بل وتحصلت على لقب كاتب الشهر لاحدى الشهور، وهذا أمر جيّد، عصمت اختفى تماما ولم استطع ايجاد اي طريقة للتواصل معه، بل اني لم اجدّ له أثر حتى مدونته اختفت تماما، واتمنى من لديه اي اخبار عنه ان يشاركني ايهاها وسأكون من الشاكرين.

بحثت خصيصا عن هؤلاء الثلاثة، لأنني وهم نشترك ذات المحرك لاختفاءنا، هو مجال دراستنا وعملنا.

اشتغل فرزت في الترجمة والتحرير في العديد من المواقع، وكان رئيس تحرير مركز مرصد المستقبل، وهو حاليا طبيب مقيم في طب الأعصاب في مستشفى جامعي في ألمانيا.

دخلت خديجة التدوين بقوة، وسرعان ماخلقت العديد من المتابعين في وقت قصير، كما كان لها بالغ الأثر على موقع كورا بإجاباتها الراقية والعميقة، وهي طالبة طب سنة سابعة ” سنة امتياز” على مشارف التخرج بدكتوراه في الطب البشري من المستشفى الجامعي بوهران الجزائر.

أما عصمت، كان مدونا نهما، وشارك في العديد من تحديات التدوين، وهو طالب طب من السوادن.

أما محدّثتكم، فهي مدونة منذ سنوات كثيرة، ومصممة غرافيك، كان لها العديد من المشاركات في بعض المواقع ببعض مقالات، وكذا على كورا، و لكنها ما ان دخلت الثقب الأسود (كلية الطب) حتى صارت تختفي وتظهر فجّأة تماما كمذنب ترصدها المواقع بقوة أحيانا وتختفي من الوجود الرقمي أحيانا اخرى وبدون سابق إنذار.

ويبقى السؤال، أين يختفي هؤلاء؟

نحن نعرف يقينا لماذا نختفي، وعلى الرغم من أنني لم اتكلم مباشرة مع فرزت من قبل لكن لاختفاءاته تفسير واضح لا يحتاج حتى الى الاستفسار، أما خديجة والتي اعتبرها صديقة لي، احادثها من حين لآخر اعرف في ماذا بالتحديد هي منشغلة، أما عن نفسي فأنا اعرف اين اقضي ايامي، وكيف قضيت السنتين الماضيتين حين انسحبت من الوجود الرقمي بالكامل تقريبا، فلم اعد اشارك اي شيء على مدونتي وكذا على حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي الا نادرا جدا.

قد يعتقد البعض اننا نهوّل الموضوع، وأن ليس لمجال عملنا دخل واضح في تقاعسنا عن مشاركة حياتنا او جديدنا وافادت الناس بما نتعلم، أما البعض الآخر فيعتقد ان الطبيب الناجح ليس لديه وقت لمشاركة حياته او الحديث في مواضيع اخرى عدى الطب، والحقيقة هي أننا نكافح للبقاء ضمن مجموعة البشر المتواجدون على هذه الساحات الرقمية، والمحاولة لتعلم في مجالات جديدة والحديث عنها.

ليس الأمر بتلك البساطة، كما انه ليس بتلك الدرامية التي قد تعتقدونها، فنحن كأطباء تم ابتلاعنا في ثقب أسود مهول، لن نستطيع الخروج منه إلا إذا قررنا الخروج من عباءة الطبيب، واخترنا عباءة اخرى قد تكون اقل وطئة من ضيق العباءة الأولى.

ولكن عليك ان تعلم عزيزي القارئ – ان كان هناك من لايزال يقرأ هذه التدوينة الغريبة الى حدّ هذا السطر- ان حياتنا حافلة حقا، ومن كثرة الأحداث التي نعيشها يوميا، يصير من الصعب التوجه نحو الكايبورد والكتابة عنها، أو محاولة البحث عن اشياء جديدة لفعلها، لأننا بالفعل نعيش كل يوم بشكل مختلف عن الذي سبقه من حجم المعارف التي نتعلمها خلال ساعات تواجدنا في المشفى وأيضا خلال ساعات تواجدنا في البيت لأننا ندرس بنهم ونقرأ العديد من المقالات العلمية لنتعلم ونعرف اكثر عن الأمراض التي نواجهها كل يوم في مكان العمل.

ففي خلال هذه السنتين، درست عن برمجة المواقع وعن إدارة المشاريع، وعملت مع بعض المؤسسات في التسويق والتصميم، كما أنني حضرت العديد من المؤتمرات والملتقيات الطبية، والتقيت بعدّة أطباء وناقشنا الكثير من الأدوية والأمراض، عالجت أيضا العديد من المرضى، وقرأت أطنانا من الكتب و المقالات وذلك لهدفين رئيسيين، لأعرف اكثر عن الأمراض والتعامل معها خلال تواجدي في وظيفتي في المستشفى الحكومي الذي اعمل فيه، ومرّة اخرى للتحضير لامتحان التخصص لاكمل مسيرتي طبيبة مختصة.

عرفت وتعلمت في هذه المدّة ما لم اعرفه خلال 7 سنوات كاملة في الكلية، فالدراسة المكثفة التي كنت اقوم بها جعلتني اعود لكل الدروس والمعارفة التي قرأتها منذ اول سنة لي في كلية الطب، وهذا جعلني ارى تلك المعارف بنظرة مختلفة، واستطيع الآن الاستفادة منها في عملي وتوظيفها بشكل جيّد على غرار ما كنت افعله سابقا عندما كانت المعارف حبيست الدفتر، اقرأها واكررها ثم امتحن فيها وتنتهي الحكاية.

سأكتب في يوم آخر عن لماذا اخترت ان اكمل في الطب الى هذه اللحظة، ولماذا لا اغيّر مجالي لمجال اجمل وابسط ويدرّ عليّ الكثير من المال كما يفعل البعض واخصّ بالذكر اليوتوبر المعروف علي عبدال كمثال حيّ عن شخص كان طالب طب بسيط، الى صاحب الملايين بعد ان ابتعد عن وجع الراس الذي يحدثه الطب في حياة الانسان.

لكن هذه التدوينة مخصصة لكشف بعض النقاط، التي يسألني عنها البعض، ويتهمنا فيها البعض الآخر بأننا اشخاص لانعرف الالتزام او اننا كسالى، لأنهم لا يعرفون كيف نقضي ايامنا، وهي ليست اياما سيئة، بل انه اختيارنا في ان نكون أطباء أكفاء رغم العقبات الكثيرة، فهي تبقى مهنة نبيلة، نقضي فيها اياما حلوة واخرى مرة كأي عمل، كما قد تكون شفيعة لنا يوم القيامة.

وقبل ان انهي هذه التدوينة، اريدّ ان اعرّج عن السبب الأول الذي جعلني اكتبها من الأساس، والذي من اجله ذكرت فرزت، خديجة وعصمت.

المعضلة الأساسية التي نواجهها يا رفاقي، هي اننا نعتقد انه علينا ان نرتقي في ما نشارك، وأن يكون لنا بالغ الأثر في اي مشروع نشترك فيه، أو مقال نكتبه او نترجمه، وعدا ذلك سنعدّها مشاركة تافهة أو لا ترقى للمشاركة من الأساس.

في الحقيقة نحن نحبس أنفسنا في غرفة ضيقة لا يتسع حجمها لمد أرجلنا بل نحن نبقى فيها جالسين جلسة القرفصاء لأنها لا تتسع لأي جلسة أخرى مع الأسف، وهذه الأخيرة قمنا بحشر أنفسنا فيها ونحن غير مدركين أن بإمكاننا الخروج منها في أي لحظة نريد.

الى جانب التزاماتنا كأطباء، لماذا نلزم انفسنا بالكتابة والتدوين والترجمة ومشاركة المعارف الجديدة وتعلم الجديد، والارتقاء الى المستوى الأعلى كل مرّة كإلتزام خانق؟

Let’s do it one piece in a time

لماذا علينا ان نقارن انفسنا بكبار المدونين العرب والأجانب، الذي يعتبر التدوين عملا اساسيا ورئيسيا لهم، بل كل ما يكتبونه يدرّ عليهم المال الذي يعيشون منه، دعونا لا نرتكب هذه الحماقة، وأن نتوقف عن النظر من حين لآخر لحجم القائمة التي نريد ان نكتب عنها، والأشياء التي علينا ان نتعلمها ومن دون كل هذه الاشياء نرى ان تواجدنا حقير ولا معنى له.

لنفعل هذه الاشياء في وقت فراغنا مرة في الاسبوع او مرة كل اسبوعين او حتى مرة في الشهر وهذا كاف، لا داعي للكتابة كل يوم، لا داعي لمشاركة أمور رائعة وعظيمة ومعارف لم يسبق للمتابعينا ان عرفوا عنها، بل دعونا نكتب عن اشياءنا البسيطة وأفكارنا، فالأمر ليس بتلك الأهمية التي صرنا نراها.

Take it easy

اتمنى ان نتوقف عن معاملة انفسنا بهذه القسوة ومحاولة حشر انفسنا في مناطق ضيقة، وان نستمتع بالرحلة مهما كانت وكيفما كان ايقاعها بطيئا او حتى بطيئا جدا، فحتى الحلزون البطيئ مازال مهما ومازالنا نحبه.

ومازلت الترجمة، الكتابة، التدوين، التصميم، التسويق والادارة جزء مهما في حياتنا، وسنحقق فيه النجاح الذي نبتغيه يوما ما.

هذه التدوينة هي محاولتي لدفع عجلة الحركة في هذا العالم الذي ابتعدت عنه لمدة طويلة، عساها تكون بداية رحلة جديدة.

اتمنى ان ارى فرزت، خديجة وعصمت يكتبون ويشاركونا مشاريعهم الجميلة.

الإعلان

5 رأي حول “أين اختفى هؤلاء؟

اضافة لك

  1. التدوينة لمست الجرح يا شروق، صدقيني لم أكن أدرك حجم الأزمة التي نوقع أنفسنا بها باستمرار إلا بعد قراءتي لهذه الأسطر “المعضلة الأساسية التي نواجهها يا رفاقي، هي اننا نعتقد انه علينا ان نرتقي في ما نشارك، وأن يكون لنا بالغ الأثر في اي مشروع نشترك فيه، أو مقال نكتبه او نترجمه، وعدا ذلك سنعدّها مشاركة تافهة أو لا ترقى للمشاركة من الأساس.” فعلا نحن دوما ما نبحث عن الكمال والمثالية في الأداء وإلا لن ترى أعمالنا النور على الاطلاق، هل هذا نتاج دراستنا ولكنه أتى بطريقة غير مباشرة أم ماذا؟!
    العديد من الأسئلة تشغل تفكيري في الموضوع وكأن له خلفيات عديدة..عساني أجد إجابة لها عما قريب
    وفقت كالعادة في ايصال الفكرة الرئيسية للموضوع والتي شغلت هي الأخرى تفكيري، وتعبيرك عنها أزاح عني بعضا من الثقل واللوم المستمر لذاتي لأني انقطعت في الفترة الأخيرة، فصرت أعده أمرا طبيعيا جدا أن تتوقف عن الانتاج لفترة من الزمن لأن أمرا آخر يستحق أن توليه اهتماما أكثر!
    جمييل حقا ❤️

    Liked by 1 person

    1. مرورك يسعدني خديجة، شكرا لكلماتك الجميلة، حاولت توضيح الأمور التي نعيشها والحمد لله انني قد وفقت
      اتمنى ان ارى كتاباتك قريبا

      Liked by 1 person

  2. الحياة صعبة والله يا شروق. التنافسية العالية في مجال العمل والعمل في دولة أجنبية يكاد يحرمني التنفس في الأيام العادية. فعلًا حياتنا محصورة في العطل فقط، إن أتت.
    حاليًا أعمل في قسم الأمراض العصبية العضلية، وكوني وحيدًا في القسم أعمل من الساعة الثامنة صباحًا حتى الثامنة مساءً.
    أفتقد القراءة بشدة والله، الكتابة أكاد أجزم أني نسيتها.

    Liked by 1 person

    1. اتمنى ان لا يستمر هذا الضغط يا فرزت، وان تكون ايامنا القادمة أجمل ..
      مرورك اسعدني، وسنبقى متابعين اوفياء لك وللتجربة مهما طال الغياب

      إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

أنشئ موقعاً أو مدونة مجانية على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: